خلاصة معتقد أهل الإسلام في عيسى بن مريم عليه السلام كما دل ذلك الكتاب والسنة
1- عيسى -عليه السلام- عبد الله، ورسوله أرسله الله -سبحانه وتعالى- إلى بني إسرائيل ليقيمهم على الدين الصحيح بعد أن فسدت أحوالهم.
2- أيد الله سبحانه وتعالى عيسى -عليه السلام- بكثير من المعجزات لتكون دليلاً على صدقه ورسالته، ومن ذلك إحياء الموتى، وإرجاع البصر إلى عيون العمي، والسمع إلى الصم، وإبراء المشلولين، ومن بهم عاهات تستعصي على علاج البشر، كشفاء الأبرص، وكذلك إخبار الناس بما يدخرون في بيوتهم، وما سيأكلونه في الغد، وتكثير الطعام القليل ليشبع العدد الكبير من الناس، وجعل الله عيسى -عليه السلام- مباركاً في أي مكان يكون فيه.
3- دعا عيسى -عليه السلام- إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكان هو -عليه السلام- نموذجاً، ومثلاً في العبادة، والتقى، فلم يعرف عنه ذنب قط، وأمضى حياته بعد الرسالة في الدعوة وجهاد الكلمة، ولم يصرفه عن ذلك زوجة، ولا ولد، ولا مسكن، ولا تجارة، وكان كل همه أن يخلص الناس دينهم لخالق السماوات والأرض، وأن يعملوا للآخرة الباقية، وأن يتمسكوا بحقيقة البر والتقوى، وليس بالظاهر فقط.
4- كانت بداية عيسى -عليه السلام- نذراً نذرته امرأة عمران حيث نذرت لله أن تجعل ما في بطنها خادماً لبيت الله منقطعاً للعبادة فيه، ولكنها وجدت أن حملها الذي وضعته أنثى، فاستمرت في الوفاء بنذرها كما نذرته، وسمت هذه الأنثى مريم، وكان من فضل الله عليها أن جعلها في كفالة نبي الله زكريا الذي كان يسوس بني إسرائيل كما هي سنة الله فيهم، أن يكون النبي مرشداً ومعلماً وكذلك متولياً لشئونهم الحياتية، وكان زكريا كلما دخل محراب مريم (والمحراب هو الخلوة التي تلحق ببيوت الله من أجل الانقطاع للعبادة) وجد عندها الفاكهة في غير أوانها، فإذا سألها زكريا عن ذلك قالت: هو من عند الله؟، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، ثم لما كبرت مريم وبلغت مبلغ النساء أرسل الله إليها جبريل (روح القدس، وملاك الرب) فدخل عليها محرابها في صورة رجل فاستعاذت بالله سبحانه، فأخبرها أنه ملاك الرب قد جاءها ليبشرها بأن الله قد قضى أن يهبها ولداً مباركاً يكون نبياً لبني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويقيمهم على الحق، وأن الله سيعلمه التوراة، وينزل عليه الإنجيل ويؤيده بالمعجزات، فاستعظمت أن يكون منها ولد وليس لها رجل فكيف؟!
فأخبرها ملاك الرب جبريل، روح القدس أن الله –عز وجل- قادر على كل شيء، وأنه يخلق ما يشاء مما يشاء، وأنه إذا قضى أمراً فإنه يقول له كن فيكون..
5- ولما بلغ عيسى -عليه السلام- مبلغ الرجال آتاه الله علم التوراة، وأنزل عليه الإنجيل، وأرسله إلى بني إسرائيل رسولاً معلماً داعياً إليه، وأيده بصنوف من المعجزات ولكن بني إسرائيل وقفوا منه موقف التكذيب شأنهم معه كشأنهم مع سائر أنبيائهم، ورسلهم فعارضوه، وأنكروه، عامتهم.، وجمهورهم ولكن آمن به بعضهم، ثم اشتد مكر اليهود به وسعيهم في إبطال دعوته، وقطع رسالته، فوشوا به إلى الحاكم الروماني في فلسطين ليقتله.
{ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين}.
ولما جاء الوقت الذي أرادوا فيه تنفيذ جريمتهم، وأرادوا القبض على عيسى، وقتله وصلبه، ألقى الله شبهه على رجل آخر، وأصعده الله إلى السماء عنده، كما قال تعالى: {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين، إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا}، فقبض اليهود وأعوان الحاكم الروماني على من ألقى عليه شبهه، واقتادوه، وصلبوه، وقتلوه، فظن كثير من الناس أن المصلوب هو عيسى -عليه السلام-، ولكن الخاصة من تلاميذه هم الذين كانوا يعرفون حقيقة ما حدث.
6- يعتقد أهل الإسلام أن عيسى -عليه السلام- حي موجود في السماء وأنه سينزل في آخر الزمان في شرقي دمشق، فيصلي مع المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ويقود أهل الإيمان منهم في فترة عصيبة بها فتن عظيمة، ومن هذه الفتن ظهور المسيح الدجال الذي يزعم أنه هو الله، والذي تجري على يديه أمور عظيمة من خوارق العادات، كأمره للسماء أن تمطر فتمطر، وللأرض أن تخرج كنوزها، ومعادنها فتخرجها، وإحيائه لبعض الموتى، ولكنه مع ظهور هذه الخوارق فهو كافر ملعون، مدع للألوهية والربوبية، أعور العين اليمنى، لا يتبعه إلا الأشرار، والفجار، والكفار، ويفر منه كل مؤمن تقي.. ثم يكون من شأن عيسى المسيح الحقيقي، أن يلحق بهذا المسيح الكذاب فيقتله ويطهر الأرض من شره وكفره، وعندما ينزل عيسى عليه السلام، فإنه يأمر بكسر الصلبان وقتل عبدتها من أهل الأوثان، ويأمر بقتل الخنازير الذي استباح أكله المدّعون للنصرانية واتباع المسيحية، ويأمر الناس بالصلاة، ويحكم بين الناس بالقرآن.
7- عيسى -عليه السلام- هو أحب الرسل إلى أهل الإسلام بعد محمد -عليه الصلاة والسلام- لأنه هو آخر نبي قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو آخر من بشر به من الرسل العظام، وهو الذي يقود أمة الإسلام في آخر الزمان، وقد قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبدالله: [أنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي].
8- ويعتقد المسلمون أن النصارى القائلين بأن عيسى عبدالله ، ورسوله، وكلمته والذين شهدوا في عيسى بما شهد به الإنجيل أنه عبد رسول، وأنه جاء مبشراً بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو من أهل الجنة، ومن أدرك النبي محمداً وآمن به منهم فله أجره مرتين، مرة للإيمان بعيسى -عليه السلام-، ومرة للإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.
وأما من اعتقد من النصارى أن عيسى هو الله، أو أنه ابن الله ذاته ذاته، أو أنه ثالث ثلاثة (أقنوم الرب، وأقنوم عيسى، وأقنوم الروح القدس).
أو أن عيسى إله كامل وإنسان كامل فهؤلاء جميعاً يعتقد المسلمون أن كل من اعتقد عقيدة من هذه فهو كافر بالله خالد في النار خلوداً أبدياً خارج من دين الرسل جميعاً، ليس من أتباع عيسى، ولا مؤمن بموسى أو بأي نبي من الأنبياء، فإن أي نبي لم يقل إن ربه وإلهه الذي يدعوا إليه هو عيسى بن مريم.
9- ويعتقد المسلمون المؤمنون أن القول بأن عيسى -عليه السلام- مات مصلوباً أو أن الله مكن منه اليهود ليقتلوه، ويصلبوه، ويبصقوا في وجهه أنه كذلك كافر مؤمن بالباطل في شأن عيسى المسيح عليه السلام الذي لم يقتل، ولم يصلب، وإنما رفعه الله إليه، وطهره من الذين كفروا، وألقى شبهه على غيره، وأن الذي قتلته اليهود لم يكن عيسى -عليه السلام- وإنما كان شبيهه.
10- يعتقد المسلمون أن ما ادعاه النصارى من أن عيسى هو ابن الله أو الله أو أنه التقاء الناسوت باللاهوت وأنه نزل ليخلص الناس من خطيئة آدم، وأنه فدى الناس بدمه، كل ذلك من الكذب والإفتراء، وأن من ادعى ذلك، واعتقده فهو كافر مخلد في النار.
11- يعتقد المسلمون أن النصارى هم أقرب الناس إلى أهل الإسلام وأولى الناس بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأنهم لو تمسكوا بالإنجيل حقاً، وأقاموا ما بقي فيه من الحق لآمنوا بالرسول الخاتم صلوات الله وسلامه عليه.
قال تعالى: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون}.
هذه خلاصة ما يعتقده أهل الإسلام في عيسى بن مريم عليه السلام،
والذين انتسبوا إليه.